أما أولا: فلأن السامع عند سماع ذلك لا يقطع بصحة ذلك الخبر، والخبر المتواتر هو الذي يقطع السامع بصحته عند سماعه بخلاف خبر الواحد فإنه إذا غلب على الظن صدقه يجب قبوله، وقد يحصل ذلك بإرسال المرسل.
وأما ثانيا: فلأن شرط التواتر استواء الطرفين والواسطة وهو مقصود فيما فرضوه فلا يصير بذلك متواترا.
وثالثها: لو جاز العمل بالمرسل لجاز في عصرنا، والملازمة بينة، فلو قال العدل في زماننا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لجاز لنا أن نعمل به، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله.
وهو أيضا ضعيف؛ لأنا لا نسلم صحة الملازمة؛ وهذا لأنه إنما لم يقبل في زماننا لغلبة الخلاف، وكثرة الوسائط، وقلة الاحتياط وهي ما كانت حاصلة في العصر الأول.
سلمنا الملازمة لكن لا نسلم بطلان اللازم إذا لم نعلم تكذيب الحفاظ والكتب الصحاح المصنفة في هذا الفن، فأما إذا علم ذلك فإنما لم يعمل به للتكذيب لا للإرسال، فإنه لو أسنده ولم يوجد في صدور الرواة وبطون / (١١١/أ) الكتب المصنفة في هذا الفن لم يقبل أيضاً.