الأول: قال الشافعي - رحمه الله -: "لا أقبل المرسل إلا إذا كان الذي أرسله مرة، أسنده أخرى، أو أسنده راو آخر، أو أرسله راو آخر ويعلم أن رجال أحدهما غير رجال الآخر، أو عضده قول صحابي، أو فتوى أكثر أهل العلم، أو علم من عادته أنه لو نص لم ينص إلا على من يجب قبول خبره.
قال: وأقبل مراسيل سعيد بن المسيب؛ لأني تتبعتها فوجدتها بهذه الشرائط.
قال: ومن هذا حاله أحببت قبول مراسيله ولا أستطيع أن أقول: إن الحجة تثبت به كثبوتها بالمتصل.
واعترض عليه: أنه لا معنى لقوله: لا أقبل المرسل إلا إذا أسنده هو أو راو آخر؛ لأنه حينئذ قبل المسند لا المرسل، ولأن ما ليس بحجة لا يصير حجة إذا عضدته الحجة.
واعلم أنه إذا أراد الإمام الشافعي - رضي الله عنه - بقوله: إلا إذا أسنده، هو أو راو آخر إسنادا لا تقوم الحجة به وحده، فهذا الاعتراض ساقط، لكن يتوجه عليه اعتراض آخر وهو: أن ما ليس بحجة لا يصير حجة بانضياف ما ليس بحجة إليه، وهو الإشكال على بقية كلامه وسنجيب عنه.
وإن أراد إسنادا تقوم الحجة به وحده، فهذا الاعتراض متجه وارد على كلامه لا يظهر وجه في اندفاعه.
وأما قوله: لا أقبله إلا إذا أرسله راو آخر يعلم أن رجال أحدهما غير الآخر.