العدل والاثنين في الزنا وإن حصل له ظن صدقهم، وبما أنه لا يجوز تصديق مدعي النبوة، وإن حصل ظن صدقه باستقراء صدقه، وبما أنه لا يجوز للمجتهد العمل بالمصالح المرسلة وإن أفادته ظن الحكم وبما أنه لا يجوز للمكلف العمل بالأمارات المميزة المغلبة للظن فيما إذا اختلطت أخته بأجنبيات محصورات، وفيما إذا اختلطت المذبوحة بالميتات، وبما إذا غلب على ظنه صدق مدعي الشيء من غير بينة فإن الظن الغالب قد/ (١٢٤/ أ) يحصل في هذه الصور مع أنه لا يجوز العمل به.
فإن قلت: ما ذكرتم من الظنون يجوز ورود التعبد بها عقلًا أيضًا عندنا، وإنما لم يتعبد بها في تلك الصور؛ لقيام الأدلة القاطعة أو الراجحة على عدم اعتبار تلك الأنواع من الظنون وهو غير حاصل فيما نحن فيه فلم ينتقض الدليل.
قلت: فعلى هذا الظن الناشئ من القياس إنما يعتبر إذا لم يوجد دليل على فساده فيصير عدم ما يدل على فساده جزأ من الدليل، فعليكم أن تبينوا أنه لم يوجد دليل على فساد القياس حتى يتم دليلكم ضرورة أنه لا يتم الدليل إذا أخل بجزئه وأنتم ما فعلتم ذلك ولو حاولتم ذلك لنا تيسر لكم؛ لأن عدم الوجدان لا يدل على العدم ولو تيسر لكم ذلك لاستغنيتم عن الدليل المذكور؛ لأنه يكفي ذلك في جوازه إما لأن ما لا دليل عليه وجب نفيه، أو لأن ما لا دليل عليه وإن لم يجب نفيه لكن لا يجوز إثباته؛ لأن القول بالشيء بلا دليل باطل فيكون القول باستحالته باطل فيلزم الجواز إما وحده أو في ضمن الوجوب.