فإن قيل: دليلكم مبني على حصول الظنون وهو ممنوع؛ وهذا لأنه يتوقف على تعليل أفعال الله تعالى والمصالح، وعلى تحقيق القول بالعلة الشرعية، وعلى عدم اختصاص الحكم بمحله، والكلام في هذا سيأتي.
سلمناه لكن متى يجوز العمل به إذا لم يكن هناك طريق يقيني أم مطلقًا؟ والأول مسلم، والثاني ممنوع؛ وهذا لأن العقل لا يسوغ سلوك الطريق الذي لا يؤمن فيه من الخطأ مع التمكن من سلوك الطريق الذي يؤمن فيه من الخطأ، فعلى هذا لا يلزم جواز العمل به إلا إذا بينتم أنه لم يوجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ولا قول إمام معصوم ما يدل على ذلك الحكم يقينًا وأنتم ما فعلتم ذلك.
سلمنا عدم الطريق اليقيني لكن متى يجوز العمل به إذا لم يكن هناك طريق آخر أرجح منه في إفادة الظن الغالب أم مطلقًا؟
والأول مسلم لكن لا نسلم حصول هذا الشرط؛ وهذا لأن أكثر البراءة الأصلية طريق إلى معرفة الحكم في الفرع، وهي أقوى دلالة على الحكم من القياس.
والثاني ممنوع؛ وهذا لأن تجويز العمل به إذ ذاك تجويز الاقتصار على أدنى البيانين مع القدرة على أعلاهما وأنه غير جائز.
سلمنا عدم طريق آخر أقوى منه وصحة دليلكم، لكنه منقوض بما أنه لا يجوز للحاكم أن يحكم بقول العبيد والنسوان والصبيان والمراهقين، والواحد