فيكون القياس مأمورًا به، ولا نعني بكون التعبد بالقياس واقعًا سوى هذا.
فإن قيل: لا نسلم أنه أمر بالاعتبار بمعنى الطلب، بل بمعنى الإذن فيه والإباحة، فإن الأمر حقيقة في الإباحة؛ وهذا لأنها أعم من الطلب وجعل اللفظ حقيقة في العام أولى من جعله حقيقة في الخاص على ما عرف ذلك.
سلمنا أنه (ليس)[حقيقة] فيه، لكنه قد يرد لذلك كما في قوله تعالى:{إذا حللتم فاصطادوا} فلم لا يجوز أن يكون هو المراد منه فيما نحن فيه؟
سلمنا أن المراد منه الطلب، لكن لا نسلم أن الاعتبار هو المجاوزة والانتقال، وما ذكرتم من الدلالة وإن دل على أنه حقيقة فيه فقط، لكن عندنا ما يدل على انه ليس كذلك، وهذا لأنه عبارة عن الاتعاظ ويدل عليه وجوه:
أحدها: أنه أسبق إلى الفهم عند الإطلاق وهو دليل الحقيقة.
وثانيها: أنه أستعمل في الاتعاظ، قال الله تعالى:{إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار} و {إن لكم في الأنعام لعبرة} والمراد به: الاتعاظ، ويقال:"السعيد من اعتبر بغيره" أي من أتعظ، والأصل في الاستعمال الحقيقة.