وهذا لأنه لما دل القاطع على وجوب العمل بمقتضى الظن الحاصل من القياس كان وجوب الحكم بمقتضى ذلك الظن معلومًا لا مظنونًا.
وثانيها: أنها محمولة على الظن الغير المعتبر بأن يكون في المسائل العلمية، أو وإن كان في المسائل الظنية لكن بطرق غير معتبرة، وهذا وإن كان تقييدًا وتخصيصًا لكنه يجب المصير إلى ذلك جمعًا بين الأدلة.
وثالثها: أنها حجة على الخصم أيضًا، فإن القول ببطلان القياس ليس معلومًا بل هو مظنون؛ ضرورة أنه لا قاطع على فساده فوجب أن لا يجوز القول به. وعن الآيتين اللتين بعدها ما تقدم في حديث معاذ.
وعن الآية السابعة: أنا لا نسلم أن الحكم بالقياس تقدم بين يدي الله ورسوله؛ وهذا لأنه إنما يكون الحكم بالقياس تقدمًا بين يدي الله ورسوله إن لم يكن القياس متعبدًا به بقول الله وقول رسوله وهو ممنوع وحينئذ يكون الاحتجاج بالآية على كونه تقديمًا بين يدي الله ورسوله متوقفًا على عدم كونه متعبدًا به، فإثبات عدم التعبد به دور.
وعن الثامنة والتاسعة: بمنع أن الحكم بالقياس حكم بغير ما أنزل الله، أو بغير ما أراه الله تعالى وسنده ظاهر مما تقدم.
وعن العاشرة: بمنع أن الرد إلى القياس ليس ردًا إلى قول الله وقول رسوله لما سبق.
وعن الخبرين: أنهما محمولان على القياس الفاسد جمعًا بين ما ذكرنا من الأحاديث الدالة على جواز العمل بالقياس.
وأما عن الإجماع: فما سبق أن ما روى عنهم في ذم القياس فهو غير مصروف إلى مطلق القياس، بل إلى القياس الفاسد، فحينئذ يكون الإجماع