بل المراد من النهي عن الاختلاف والتنازع حيث ورد إنما هو الاختلاف والتنازع فيما فيه الحق متعين لقاطع كمسائل الأصول نحو إثبات الصانع، والتوحيد وإثبات المعاد والمبدأ وغيرها، فأما ما لا يتعين الحق فيه في واحد بعينه كالمسائل الاجتهادية، أو أن تعين لكن بأدلة ظنية فلا نسلم أن الاختلاف فيه منهي عنه.
ويؤكده أن الصحابة قد اختلفوا في مسائل كثيرة من المسائل الفرعية وكذا التابعون ومن بعدهم هلم جرًا إلى زماننا هذا ولم ينكر أحد من الأمة عليهم، فلو كان ذلك منهيًا عنه لكانوا مجمعين على الباطل وهو ممتنع فالملزوم مثله، وكذا المراد منه التنازع والاختلاف الصادر من غير أهل لذلك الاختلاف، وكذا الاختلاف والتنازع الصادر عن عصبية وتقليد وعناد، وهذا وإن كان تقييدًا للمطلق، أو تخصيصًا للعام لكنه يجب المصير إليه جمعًا بين الدليلين.
سلمناه لكنه منقوض بالعمل بالأدلة العقلية والنصوص التي ليست قاطعة المتن والدلالة معًا مع أن الخصم يجوز التمسك بها.
وعن الثاني: أنا لو سلمنا الحكم فيه فإنه لا يدل على عدم التعبد بالقياس في أحكام الله تعالى بل إنما يدل على عدم التعبد به في تصرفات العبيد ونحن ما ادعينا ذلك، وليس هو لازم لثبوت القياس في أحكامه تعالى لا قطعًا، ولا ظاهرًا؛ لأنه لو صرح بذلك لم يلزم منه مخالفة ظاهر وإلا لزم التعارض