بينه وبين التصريح وأنه خلاف الأصل، وإن أريد إثباته في أحكامه تعالى بالقياس عليه فذلك إبطال للقياس بالقياس وهو باطل، وإن كان بطريق آخر فاذكروه لينظر فيه.
سلمنا سلامته عن هذا الطعن لكن الفرق بين أحكام الله تعالى وبين أحكام العبيد حاصل.
وبيانه: من حيث الإجمال والتفصيل:
أما الأول: فلأنه لو نص الله تعالى على الحكم وقال: قيسوا عليه فإنه لا نزاع في جواز القياس عليه بخلاف العبد على ما سلمنا لكم ذلك، والاختلاف في الحكم دليل على الاختلاف/ (١٤٧/أ) في الحكمة.
وأما الثاني فمن وجهين:
أحدهما: أن حقوق العباد مبنية على الشح والضنة لكثرة حاجاتهم وسرعة رجوعهم عن دواعيهم وصوارفهم، بخلاف أحكام الله تعالى فإنها على الضد من ذلك فلا يلزم من عدم جريان القياس في أحكام العبيد وتصرفاتهم عدم جريانه في أحكامه تعالى.
وثانيهما: أن الشارع إنما جعل القياس متعبدًا به لكون الوقائع لا نهاية لها توجد شيئًا فشيئًا والتنصيص على الكل متعذر، وكذا مراجعة الشارع فيما يقع منها في كل زمان، والتكليف بمقتضى البراءة الأصلية يقتضى نفي الابتلاء الذي هو مقصود الشارع من الشريعة في أكثر الأحكام وهذه المعاني بأسرها منتفية في أحكام العبيد وتصرفاتهم فلا يلزم من وقوع التعبد بالقياس في أحكامه تعالى وقوعه في تصرفات العبيد.