للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} فإنه يدل بالطريق الأولى على رؤية ما عمل من الخير ما هو أكبر من مثقال ذرة وهو فرع في هذه الصورة، ومثقال ذرة الذي هو الأصل جزء منه، وهو مشتمل عليه، وكذا في قولهم: "فلان لا يملك حبة" فإنه يفيد أنه لا يملك ما زاد على الحبة، وهو مشتمل على الحبة والحبة جزء منه فلا يكون هذا النوع قياسًا.

وهو أيضًا ضعيف؛ لأنه إن ادعى في المقدمة الأولى كلية منعناها، وهذا فإن هذه الصورة من جملة صور القياس عند الخصم وقد وجد فيها ما ذكر من الوصف وإن ادعاهما جزئية أو مهملة فلا يفيد، سلمناها كلية لكن الخصم قد يسلم أن اللفظ يدل عليه في مثل هذه الصور بواسطة الفحوى فلم قلتم أن الأمر كذلك فيما ليس هو مثله؟ ودعوى الإجماع على عدم التفصيل ممنوع.

وسادسها: أنه يلزم أن لا يعلم العاقل ثبوت الحكم في المسكوت عنه لو منع من القياس الشرعي.

وأجيب أنه إن علم الغرض وما هو المقصود من الكلام كان القياس فيه حينئذ يقينيًا فلم يؤثر المنع من الظني فيه، وإن لم يعلم ذلك فإنه يلزم صحة أن لا يعلم ذلك حينئذ بل عند عدم ورود التعبد بالقياس أيضًا.

وسابعها: أنا أجمعنا أن قولهم: "فلان مؤتمن على القنطار" يفيد في العرف أنه مؤتمن مطلقًا. "وفلان لا يملك حبة" يفيد فيه أن لا يملك شيئًا ألبتة وإنما حكم بذلك فيهما لتبادر الفهم إليه عند سماع اللفظ وهذا المعنى حاصل في أمثالهما، فوجب أن يحكم بذلك في الكل.

وأجيب بمنع ما ذكروه من الإفادة؛ وهذا لأنه إنما يفيد أنه مؤتمن فيما دون القنطار لكونه موجودا في القنطار فتكون دلالته عليه بالتضمن، فأما فيما فوقه فلا نسلم ذلك فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>