أولها وهو أقواها: الدوران الذهني، وإن لم يكن خارجيًا كقولهم: متى عرفنا كون التكليف تكليفًا بالمحال عرفنا قبحه وإن لم نعرف شيئًا آخر، ومتى لم نعرف ذلك لم نعرف قبحه وإن عرفنا سائر صفاته، فإذن العلم بالقبح دائر مع العلم بكونه تكليفًا بالمحال في الذهن، فهذا الدوران الذهني يفيد الجزم بأن المؤثر في القبح ليس إلا تعيين كونه تكليفًا بالمحال لا غير.
وهو ضعيف؛ لأنا لا نسلم أنه لما لزم من العلم به العلم بقبحه ومن عدم العلم به وإن علمنا سائر صفاته عدم العلم بقبحه لزم أن يكون المؤثر في القبح إنما هو كونه تكليفًا بالمحال وما الدليل عليه فإنه ليس العلم به بديهيًا لحصول التفاوت بينه وبين سائر البديهيات بل يكون نظريًا وحينئذ يحتاج إلى الدليل.
سلمنا قيام الدلالة عليه لكن المقدمة الأولى منقوضة بالإضافات [فإنا متى علمنا كون الشخص أبا علمنا كون شخص آخر ابنًا له] ومتى علمنا كون الشخص ابنًا علمنا كون شخص آخر ابًا له مع أنه يستحيل أن يكون احدهما/ (١٦٥/ أ) علة للآخر فإن المضافين معًا والعلة يجب أن تكون قبل المعلول، والمقدمة الثانية مقيدة بقيد يتعذر حصول القطع به، لأنه لا يمكن القطع بها إلا إذا عرفنا سائر صفاته فإن بتقدير أن يكون بعض صفاته غير معلوم لنا لم يكن القطع معه بأن العلم بسائر صفاته [فإن بتقدير أن يكون بعض صفاته] غير كونه تكليفًا بالمحال لم يستلزم العلم بقبحه لجواز أن يكون العلم بذلك البعض يستلزم العلم بقبحه لكن لا يمكننا القطع بذلك لجواز أن يكون له صفات لا نعرفها.
سلمنا ذلك لكن لا نسلم أن ذلك يدل على عدم علية تلك الصفات وما