تدل على أن التكاليف بأسرها للمصالح فإن تكليف العمل بما لا فائدة فيه في غاية العسر والحرج والمشقة وليس فيه رأفة ورحمة به فيه أضرار.
وخامسها: أن الله تعالى خلق الإنسان للعبادة لقوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} والحكيم إذا أمر عبده بشيء فلابد أن يزيح عذره وعلته، ويسعى في تحصيل مصالحه، ودفع مضاره ليصير فارغ البال حسن الحال متمكنًا من الامتثال، لتجرده من الأشغال، فإذن كونه مكلفًا يقتضى ظن رعايته فيما يتعلق به حالًا ومآلًا، وتكليفه بما لا مصلحة له فيه ليس من رعايته في شيء فينا في كونه مكلفًا.
وسادسها: أنه تعالى خلق الإنسان مكرمًا مشرفًا قال الله تعالى: {ولقد كرمنا بنى آدم} وتكليف المكرم بما لا فائدة فيه لا يلائم تكريمه بل ينافيه، وأما تكليفه بما فيه فائدته يلائم تكريمه، وأفعال الحكيم يجب أن يلائم بعضها بعضًا، فإذن كونه مكرمًا مشرفًا يقتضي ظن أنه لو كلف لم يكلف إلا بما فيه مصلحة.
فثبت بهذه الوجوه أن الأحكام مشروعة لمصالح العباد، ولكن ذلك إما بطريق الوجوب كما يقوله الفقهاء من أهل السنة بخلاف المتكلمين منهم فإنهم