لم يقولوا بتعليل أحكامه وأفعاله تعالى بالمصالح لا بطريق الوجوب، ولا بطريق الجواز أصلًا وهو اللائق بأصولهم.
وثانيها: هو أن هذا الحكم مشتمل على هذه الجهة من المصلحة وهي ظاهرة؛ لأنا إنما نحكم بكون الحكم مشروعًا للمصلحة الفلانية إذا رأينا الحكم مشتملًا عليها.
وثالثها: هي أنا لما علمنا أن الحكم مشروع للمصلحة، وعلمنا أن الحكم الفلاني مشتمل على المصلحة الفلانية غلب على ظننا أنه إنما شرع لأجل تلك المصلحة ويدل عليه وجهان:
أحدهما: أن الحكم لا يجوز أن يكون مشروعًا لا لمصلحة لما تقدم فيكون مشروعًا لها، وهي إما المصلحة الظاهرة لنا، أو غيرها.
والثاني باطل؛ لأن الأصل عدم مصلحة/ (١٨٠/ أ) أخرى وعدم الإضافة إليها فيتعين الأول وهو المطلوب.
وثانيهما: أنا إذا اعتقدنا في ملك أنه لا يحكم إلا بمصلحته، ثم رأيناه قد حكم بحكم في محل معين يحصل منه مصلحة معينة، فإنه يغلب على ظننا أنه إنما حكم لأجل حصول تلك المصلحة، وإن أمكن أن يكون هناك مصلحة أخرى، وإذا كان كذلك في الشاهد وجب أن يكون بالنسبة إلى الغائب كذلك لوجود العلة بعينها في حق الغائب، فإن العلة لذلك الظن الغالب [ليس إلا حصول تينك المقدمتين بدليل الدوران فإن الظن الغالب] حاصل عند حصولهما وغير حاصل عند فقدهما، وهما حاصلتان في حق الغائب إذ الكلام فيه بعد أن ثبت أنه لا يحكم لا لمصلحة وأن هذه مصلحة، فثبت بهذا الدليل أن المناسبة مع الاقتران دليل العلية.