طريق إيراد النوع الأول هو أن يقال: الحكم إما أن يكون معللًا بعلة أو لا يكون.
الثاني باطل فيتعين الأول، وتلك العلة إما الوصف الفلاني أو غيره، والثاني باطل ويذكر على ذلك دليلًا قاطعًا من إجماع أو نص، وحصول هذا القسم في الشرعيات عسر جدًا أو على وجه التغليب، وأما الأقسام الثلاثة الباقية المفيدة للظن فيمكن أن توجد بأسرها فيها.
وطريق إيراد هذا القسم الظني المسمي بالمنتشر هو أن يقال: الحكم إما أن يكون معللًا، أو لا يكون، والثاني باطل؛ إما لما سبق من الإجماع على أن أحكام الله تعالى بأسرها معللة بالمصالح إن صح ذلك الإجماع، أو لإجماع الفقهاء والمعتزلة على ذلك، وإن اختلفوا في المأخذ كما عرفت ذلك من قبل، ولو سلم عدم انعقاد الإجماع على ذلك، لكن كونه غير معلل بالمصلحة على خلاف الغالب المألوف من أحكام الشرع بدليل الاستقراء، وذلك يدل ظاهرًا على أن ذلك الحكم معلل وهذا كاف في هذا المقام؛ إذ المطلوب إنما هو الظن وهو توجيه.
ثم تلك العلة إما ظاهرة لنا أو غير ظاهرة لنا، الثاني باطل.
أما أولًا: فلأن ذلك يبطل فائدة التعليل إذ فائدته توسع طرق معرفة الأحكام، وشرعية انقياد المكلف له وتلقيه بالقبول على وفق داعية الطبع من غير تأبي من جهة النفس وهي بأسرها غير حاصلة فيما خفيت علته.
وأما ثانيًا: فلأن الغالب في العلل المعللة بها الأحكام إنما هو الظهور واندراج الفرد تحت الأعم والأغلب أغلب على الظن [فيكون كونها ظاهرة أغلب على الظن].