للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إتلاف المثلى سبب لوجوب المثل وإتلاف ذوات القيم سبب لوجود القيمة وهو معلوم في الشريعة قطعًا مع أنه ورد في المصراة ما يخالفه، ولم يبطل تلك القاعدة لورود ذلك الحكم على خلافها وفاقًا وكذلك كون الجناية سببًا لوجوب غرامتها على فاعلها أو منتسبها معلوم، مع أنه ورد وجوب الدية على العاقلة في القتل الخطأ ولم يبطل تلك القاعدة بسببها إجماعًا لما كان ذلك واردًا على وجه الاستثناء لمعني فيه.

وأما ما ورد على العلة المظنونة فنحو العرايا، وبيع الجفنة بالجفنتين على مذهب أبي حنيفة- رضي الله عنه- والعتق تحت الحر على مذهب الشافعي- رضي الله عنه- مع أن ظاهر قوله عليه السلام: "ملكت بضعك فاختاري" يدل على أن ملك البضع سبب للاختيار، ولو قيل بأن مطلق إتلاف المثلى أو ذوات القيم ليس سببًا لوجوب المثل أو القيمة بل في غير المصراة لتطرق مثله في كل ما يدعي علة بأن يقال: إنما هو علة في غير محل النزاع ولا نسلم عليته فيه، فإن المناسبة والاقتران ما دل على عليته إلا في الأصل وحينئذ ينسد باب الاستدلال بالعلة على الحكم في المتنازع فيه فثبت/ (١٩٦/ أ) أن استقراء الشريعة يدل على جواز تخصيص العلة معلومة كانت أو مظنونة لمعاني توجد في صورة التخصيص وذلك هو المطلوب.

وثامنها: لو لم يجز تخصيص العلة للزم أن يكون العدم جزء علة الوجود في كثير من الصور لكن الثاني باطل فالمقدم مثله.

أما بيان الملازمة: فهو أنه إذا لم يجز تخصيص العلة لم يتصور انتفاء الحكم عن محل لانتفاء علته، فإن توقيف الاقتضاء على حصول الشرط أو عدم المانع حينئذ يكون باطلًا بل مجموع ما يتوقف عليه الحكم هو العلة، فإذا رأينا

<<  <  ج: ص:  >  >>