ثم اعلم أن منهم (من) لم يقبل القلب المفصل الذي يدل بواسطة في معارضة الذي يدل مفصلًا من غير واسطة، وكذا القلب المجمل في معارضة الذي يدل مفصلًا لاحتياج كل واحد منهما إلى مقدمة لا يحتاج إليه دليل المعلل وهو حق إن قيل القلب: معارضة كما أن الدليل الذي تكون مقدماته أكثر مرجوحًا بالنسبة إلى الذي لا يكون كذلك، هذا أن كان عدم قبوله لكونه مرجوحًا، فإن الدليل المرجوح لا يكون مقبولًا مع وجود الراجح وإن كان ذلك لكونه ليس بدليل إذ ذاك فلا وهو ظاهر.
واعلم أن من القلب ما يسمي "قلب التسوية" وهو إنما يقع في القسم الخامس لأن من ضرورة التسوية الإجمال؛ ولهذا لم يقبله من لم يقبل القلب المجمل، وبعض من قبله لم يقبله أيضًا؛ لأن مقصود القالب من التسوية مناقض لما في الأصل فإنه يقصد التسوية بينهما في [عدم الصحة والثابت في الأصل التسوية بينهما] في الصحة وبه قدح أيضًا في تسميته التسوية، وهو ضعيف فإن القياس على الأصل إنما هو من حيث عدم الاختلاف، وهو ثابت فيه لكن عدم اختلاف الأصل في ثبوت الصحة فيهما وفي الفرع في عدم ثبوت الصحة فيهما وهو [ثابت فيه لكونه عدم اختلاف الأصل] غير مناف لاشتراك في أصل الاستواء.
مثاله: قول الحنيفة في طلاق المكره: مكلف مالك للطلاق، فيقع طلاقه كالمختار.
فنقول: مكلف مالك للطلاق فينبغي أن يستوي إيقاعه وإقراره كالمختار.