للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

احتج الأولون بوجوه:

أحدها: أنه لو كان الحكم الواحد معللًا بعلل مختلفة، لم يخل إما أن يستقل كل واحد منها بالتعليل، أو لا يستقل واحد منها بل به لا يتم إلا بمجموعها، أو يستقل أحدها به دون البواقي، والأقسام الثلاثة باطلة، والتعليل بالعلل المختلفة باطل.

أما الأول: فلأنه لا معني لكون الوصف علة مستقلة إلا أنه علة له دون غيره، فلو كان كل واحدة منها علة مستقلة بالتعليل بهذا التفسير، لزم أن لا يكون كل واحدة منها علة، فضلًا عن أن تكون مستقلة.

وأما الثاني: فهو أيضًا باطل؛ لأنه على نقيض ما فرض من الملزوم فكان باطلًا وبتقدير أن لا يكون باطلًا فالمقصود حاصل؛ لأنه حينئذ لا يكون ذلك الحكم معللًا إلا بعلة واحدة.

وأما الثالث: فهو أيضًا باطل؛ لأنه حينئذ يلزم ترجيح أحد الجائزين على الآخر وهو باطل، وبتقدير أن لا يكون باطلًا فالمقصود حاصل على ما عرف ذلك من قبل.

وهذا ضعيف؛ لأنا لا نسلم أنه لا معني لكون الوصف علة مستقلة للحكم إلا ما ذكرتم، بل معناه أنه لو وجد منفردًا لكان مقتضيًا له من غير حاجة إلى غيره ومعلوم أن اللفظ منطبق على هذا المفهوم وحينئذ لم يلزم ما ذكرتم من المحذور وما يقال في جوابه: بأن الكلام إنما هو مفروض في حالة الاجتماع لا في حالة الانفراد، والتقسيم في حالة الاجتماع، فعلي ما سبق ضعيف أيضًا؛ لأنه ليس معني قولنا: "لو وجد منفردًا [أنه لو وجد منفردًا] حالة

<<  <  ج: ص:  >  >>