للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج من لم يجوز ذلك في المستنبطة بوجوه:

أحدها: وهو ما ذكره الإمام: "أن الإنسان إذا أعطي فقيهًا فقيرًا قريبًا، احتمل أن يكون الداعي إلى الإعطاء كونه فقيهًا فقط، أو فقيرًا فقط، أو كونه قريبًا فقط، أو مجموعها أو مجموع اثنين منها، وهذه الاحتمالات متنافية؛ لأن قولنا: الداعي إلى الإعطاء هو الفقر [لا غير] ينافي أن يكون غير الفقر داعيًا، أو جزءًا من الداعي، وإذا كانت هذه الاحتمالات متنافية فإن بقيت على حد التساوي امتنع حصول الظن بواحد منها على التعيين: فلا يجوز الحكم بكونه علة.

وإن ترجح بعضها، فذلك الترجيح يحصل بأمر وراء "المناسبة والاقتران"؛ لأن ذلك مشترك بين هذه الاحتمالات وحينئذ يكون الراجح هو العلة دون المرجوح وهو ضعيف؛ وهذا لأنا نسلم أن احتمال كونه أعطاه لفقره فقط ينافي احتمال كونه أعطاه لفقهه فقط، لكن لم قلتم: إن احتمال كونه أعطاه لفقره ينافي احتمال كونه أعطاه لفقهه أيضًا كما في المنصوصة؟ ولا نسلم أن هذا في قوة ذاك، وأين الدليل عليه؟

ثم الذي يدل على أنه ليس في قوة ذلك هو: أنه يمكن تقسيمه إليه، وإلى ما ذكرنا، ومورد التقسيم يجب أن يكون مشتركًا بين القسمين: فإن قلت: ذاك بحسب اللغة، أما بحسب العرف فلا لأن قولنا: أعطاه لفقره يفيد في العرف أنه أعطاه له لا لغيره بدليل أن من أراد تكذيبه ومناقضته فإنه يقول: أعطاه لفقهه، ولولا أنه يفيد نفي غيره وإلا لما جاز ذلك.

قلت: لا نسلم ذلك؛ وهذا لأن الأصل عدم التغيير، وأما التكذيب

<<  <  ج: ص:  >  >>