والمناقضة فلا نسلم أن ذلك على الإطلاق، بل حيث عرف المقصود.
سلمناه لكن لا يدل على المقصود، لاحتمال أن ذلك بطريق النقل للفظ عن وضعه الأصلي، لا لأنه لا يجوز تعليل الحكم بعلتين مختلفتين.
وثانيها: أن الصحابة والأئمة من بعدهم أجمعوا على قبول الفرق: وذلك يدل على أنه لا يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين مستنبطتين.
بيان الأول: بما روى أن عمر- رضي الله عنه- لما شاور عبد الرحمن في قضية المجهضة قال له عبد الرحمن: إنك مؤدب ولا أري عليك شيئًا، وشاور عليا أيضًا في ذلك فقال له- رضي الله عنه- إن لم يجتهد فقد غشك، وإن اجتهد أخطأ، أري عليك الغرة.
ووجه الاستدلال به: أن عبد الرحمن- رضي الله عنه- شبهه بالتأديب والتأديب لكونه مشروعًا/ (٢١٣/ أ) مستحقًا يقتضي أن لا يجب بسببه شيء وإن أفضي إلى الهلاك كالحدود، وأن عليا- رضي الله عنه- فرق بينه وبين سائر الزاجرات من الحدود بأن التعزيرات المستحقة والتأديبات المندوبة إنما تجوز بشرط سلامة العاقبة فإذا انتهي إلى الهلاك علمنا فوات شرطه، فلا جرم وجب الضمان بخلاف الحدود المقدرة فإنها تجوز مطلقًا، ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعًا على ما تقدم بيانه في الإجماع.
بيان الثاني: ظاهر، فإنه لو جاز تعليل الحكم بعلتين لم يكن الفرق قادحًا فيما ذكره الخصم من الجامع، فإنه يجوز حينئذ أن يكون الحكم في الأصل ثابتًا بكل واحد من الجامع والفارق، أو بالجامع ومجموع الجامع والفارق، ويمكن أن يجاب عنه ببعض ما سبق في حجة المانعين مطلقًا.