سلمنا صحة دلالته لكنه منقوض بالامتناع، والامتناع مع أنه ليس بوجودي قطعا.
سلمنا المقدمتين، لكنه منقوض بالعدم إذا كان علة العدم، فإن جميع ما ذكروا آت فيه مع أنه يجوز أن يكون العدم علة العدم وفاقا.
وثانيها: أنه يصح أن يقال: أي شيء وجد حتى حدث هذا الأمر؟ ولو لم يكن الحدوث متوقفا على وجود شيء لما صح هذا الكلام، كما لو قال:"أي رجل مات حتى مرض هذا" حيث لم يكن مرض المشار إليه متوقفا على موت رجل.
وجوابه: أنا لا نسلم أن صحته واستقامته بناء على خصوصية الوجود بل لعموم الحدوث، ألا ترى أنه لو قال: أي شيء حدث حتى حدث هذا الأمر، استقام الكلام أيضا، وحدوث الأمر يعم الوجود والعدم؛ ولهذا يصح أن يقال: أي شيء عدم مما كان حتى وجدها الأمر.
وثالثها: أن العلة لابد وأن تتميز عما ليس بعلة بأي معنى كان وإلا لما صح الحكم عليها بكونها علة، والتمييز: عبارة عن كون واحد من المتميزين مخصوصا في نفسه بحيث لا توجد خصوصيته في الآخر وإلا لما كان متميزا، لكن ذلك غير معقول في العدم لأنه نفى صرف وعدم محض.
وأيضا لو جاز وقوع التمييز فيه لجاز أن يكون ما نراه من المحسوسات المتميزة بعضها عن البعض إعداما صرفا؛ إذ لا طريق إلى العلم بوجودها إلا ذلك، ويلزم أيضا إنسداد باب إثبات الصانع تعالى؛ لأنه حينئذ يجوز أن يقال: المؤثر في العالم عدم صرف ونفي محض؛ لأنه حينئذ يجوز أن يتميز عن غيره بصفات مخصوصة كما هو على تقدير الوجود.