للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضرورة أن الحصول في الشيء أمر عدمي على ما تقرر ذلك في موضعه، والأمور الثبوتية لا يجوز أن تكون بالأمور العدمية على ما تقدم تقريره، ولأن العلة القاصرة لا يجوز أن تكون بمعنى المعرف؛ لأن حكم الأصل معلوم بالنص لا بها ولا فرع له حتى يعرف حكمه، بل إما أن يكون بمعنى الباعث، أو بمعنى الموجب بجعل الشارع إياه موجبا؛ إذ الإيجاب الذاتي باطل ببطلان التحسين والتقبيح، وعلى المعنيين لا يجوز أن يكون لحصول مثلها في محل آخر تأثير في العلية، أما بمعنى الباعث فظاهر؛ لأن الباعث للشارع على الحكم إنما هو جهة المصلحة أو المفسدة: إما باعتبار نفسهما على رأي من يجوز التعليل بنفس الحكم، أو باعتبار المشتمل عليهما على رأي من لم يجوز ذلك، ومعلوم أن حصول مثلها في محل آخر لا تأثير له في تحصيل جهة المصلحة أو دفع المفسدة فلم تكن العلية بالمجموع المركب منها ومن غيرها، وأما بالمعنى الثاني فلأن ذلك راجع إلى الأول أيضا؛ لأن الباعث للشارع على جعله علة إنما هو جهة المصلحة أو المفسدة، ومعلوم أن حصول مثلها في محل آخر لا مدخل له في تحصيل مثلها في محل آخر.

وعن الثاني أنه ليس بدور معية، والدليل عليه هو: أن صحة تعديتها إلى الفرع فرع صحتها في نفسها بدليل صحة دخول كلمة ثم عليه؛ إذ يصح أن يقال: صحت العلة في نفسها ثم عديت، أو عديت بعد أن صحت ولو كانا معا لما صح بهذا القول؛ إذ لا يجوز إدخال كلمة ثم ما بين المضافين والمتلازمين، فلا يجوز أن يقال: حصلت الأبوة ثم البنوة، ولا يقال أيضا: حصل العلو ثم السفل وبالعكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>