للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيها: أنا أجمعنا على أن العلة المنصوصة والمجمع عليها بجوز أن تكون قاصرة، فكذا المستنبطة إذ لا فرق بينهما سوى/ (٢٢٣/أ) أنه نص عليها أو أجمع عليها، وذلك لا يوجب تفرقة في صحة ثبوت العلية وعدمها بل المستنبطة أولى؛ لأن التنصيص على العلة ربما يوهم الأمر بالقياس مع تعذره في القاصرة، والمستنبطة ليس فيها هذا المحذور فكانت أولى بالجواز.

وثالثها: أن طرق العقلية الدالة على العلية من المناسبة والسبر والتقسيم والدوران وجودا وعدما قد يدل على علية الوصف القاصرة، فوجب أن يكون علة كغيره لحصول غلبة الظن فيهما على حد سواء.

ورابعها: أنها لو امتنعت فإما أن تمتنع لذاتها وهو باطل قطعا، أو لامتناع مدركها وهو أيضا باطل لما سبق، أو لعدم فائدتها لو سلم أن ذلك يقتضي الامتناع وهو أيضا باطل؛ لأن فيه فوائد.

أحدها: معرفة الباعث على الحكم الشرعي وكونه مطابقا لوجه الحكمة والمصلحة، وهذه فائدة معتبرة؛ لأن النفوس إلى قبول الأحكام المطابقة للحكم والمصالح أميل، فيكون أفضى إلى حصول مقصود الشارع من شرعية ذلك الحكم ضرورة أنه حينئذ يكون أفضى إلى الحصول.

وثانيها: أنه يفيد عدم الحكم؛ لأنه يفيد المنع من القياس عليه، فإنه إذا علم أن الحكم في الأصل معلل بعلة قاصرة امتنع القياس عليه.

فإن قلت: هذه الفائدة حاصلة بأن لا يجد الحكم معللا بمتعدية وهو أعم من أن يكون معللا بقاصرة، أو لا يكون معللا أصلا، أو وإن كان معللا بها لكنا لا نجد بعد البحث الشديد، فلم تكن تلك الفائدة فائدتها فلم تكن فائدته.

قلت: بتقدير أن يوجد في الأصل وصف مناسب للحكم متعد فإنه تمتنع

<<  <  ج: ص:  >  >>