ورابعها: أن إسناد انتفاء الحكم إلى انتفاء المقتضي أظهر عند العقل من إسناد انتفائه إلى وجود المانع.
أما أولا: فلأنه أعم وأغلب.
وأما ثانيا: فلأنه لا يتوقف ذلك إلا على عدم المقتضي، وأما إسناد انتفائه إلى وجود المانع فيتوقف على وجود المانع ومناسبته واقتران العدم معه، ثم الوجود يتوقف على مقدمات لا يتوقف عليها العدم والمتوقف على أقل المقدمات أظهر عند العقل من المتوقف على أكثرها فثبت أن إسناد انتفاء الحكم إلى عدم المقتضي أظهر عند العقل من إسناد انتفائه إلى وجود المانع، وحينئذ إن كان ظن عدم المقتضي أقوى من ظن وجود المانع أو مثله لم يجز التعليل بالمانع؛ لأنه حينئذ يكون ظن عدم المقتضي أرجح من ظن وجود المانع، أما في الصورة الأولى فظاهر، وأما في الثانية فلأنهما لما استويا فى الظن واختص عدم المقتضي بمزية، وهي أن ظن إسناد عدم الحكم إليه أظهر من ظن إسناد إلى وجود المانع كان ظن تعليل العدم بعدم المقتضى أظهر من ظن تعليله بوجود المانع، وإذا كان كذلك لم يجز التعليل بوجود المانع؛ لأن مع وجود العلة الراجحة لم يجز التعليل بالعلة المرجوحة، وإن كان ظن عدم المقتضي مرجوحا بالنسبة إلى ظن وجود المانع جاز التعليل بالمانع، بل وجب لكن ذلك يتضمن رجحان ظن وجود المقتضي؛ لأن ظن عدمه لما كان مرجوحا وجب أن يكون ظن وجوده راجحا، ضرورة أنه لا خروج عن النقيضين فيكون التعليل بالمانع يتوقف على بيان رجحان وجود المقتضي وهو المطلوب.
وجوابه: أن مجرد العلم أو الظن بوجود المانع يقتضي ظن عدم الحكم، بدون الالتفات إلى الأقسام الثلاثة التى ذكرتموها.
وخامسها: أن التعليل بالمانع يتوقف على بيان وجود المقتضي في العرف فوجب أن يكون في الشرع كذلك.