بيان الأول: أن من قال في طير القفص: إنما لا يطير، لأن القفص يمنعه، فهذا التعليل موقوف على العلم أو الظن يكون الطير حيا قادرا على الطيران، فإن بتقدير أن يكون ميتا، أو كان مقصوص الجناح امتنع هذا التعليل ونظائره كثيرة.
بيان الثاني بالحديث المشهور.
وجوابه: منع توقف التعليل عليه في العرف؛ وهذا لأن العرف في ذلك مختلف، فتارة يتوقف عليه كما في المثال الذي ذكرتم، وتارة لا يتوقف عليه كما إذا علمنا أو ظننا وجود سبع في طريق شخص، فإن/ (٢٢٨/أ) هذا القدر كاف في حصول الظن في أن ذلك الشخص لا يحضر، وأإن لم يخطر ببالنا سلامة أعضائه، وأن له داعية الحضور، ويمكن أن يجعل هذا مع الحديث المشهور الذى تمسك به الخصم دليلا في المسألة ابتداء.
واحتج الآخرون بوجوه:
أحدهما: أن بين المقتضي والمانع عنادا وتضادا، والشيء لا يتقوى بضده ومعانده بل يضعف فإذا جاز التعليل بالمانع حال ضعفه وهو حال وجود المقتضي، فلأن يجوز حال قوته وهو حال عدم المقتضي بالطريق الأولى.
ولقائل أن يقول: لا يلزم من جواز تعليل عدم الحكم بالمانع حال وجود المقتضي الذي هو شرط التعليل به] جواز تعليله به حال عدم المقتضي الذي هو مناف لتعليله به [وأما كونه قويا إذ ذاك ضعيف حال وجوده فممنوع أولاً؛