أحدهما: أن الراوي العدل إذا أسند الخبر وذكر المروى عنه فإنه لم يحكم بصحة الخبر، ولم يزد على حكاية أن فلانا زعم أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال ذلك الخبر فليس فيه قطع ولا غلبة ظن، بصحته بخلاف ما إذا أرسل الثقة فإنه حكم على ذلك الخبر بالصحة، وحكم على الرسول بانه قال، فيكون حاكمًا عليه: عليه السلام- بالتحليل، أو التحريم، وذلك لا يكون إلا عن قطع، أو قريب من القطع، فكان الظن بصدق الخبر في صورة الإرسال أكثر.
وجوابه: أن قوله: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يمكن إيراده علا ظاهره، لأنه يقتضى الجزم بصحة خبر الواحد، وهو جهل غير جائز على العدل العالم، فوجب حمله على أن المراد منه. إني أظن أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال ذلك الخبر، وإذا كان كذلك كان الإسناد أولى منه، لأن في صورة الإسناد يحصل ظن العدالة للكل، وفى كحورة الإرسال لا يحصل ذلك الظن إلا للواحد، ومعلوم أن ما تشهد له الظنون الكثيرة أولى مما يشهد له الظن الواحد.
وثانيهما: روى عن الحسن- رحمه الله تعالى- أنه قال:(حدثني أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث، تركتهم وقلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم).