ووجه الاستدلال به ظاهر فإنه أخبر عن نفسه أنه لا يستجيز هذا الإطلاق إلا عند فرط غلبة الظن.
وجوابه: ما سبق. ويخصه أن هذا يقتضى أن تكون مراسيل الحسن مقبولة وراجحة لا كل المراسيل، ونحق ربما نقول به أنه إذا علم من حال الراوي أنه لا يروي إلا عن عدل، ولا يوسل إلا إذا كان ظنه أغلب من صور الإسناد أن مرسله راجح على المسند.
واحتج القاضي على صحة ما ذهب إليه: أن في صورة الإسناد حصل نوع من القوة وهو أن عدالة المروى عنه معلومة للسامع لتمكنه من البحث عنها، وفى صورة الإرسال حصل نوع آخر من القوة وهو أنه حصل للراوي غلبة الظن بعدالة المروى عنه وإلا لما أرسل فيستويان ويتعارضان.
وجوابه: منع التساوي، وهذا فإن الظن بعدالة المروى عنه في صورة الإسناد أكثر، لكون السامع بحث عنها واختبرها لإرسال الراوي عنه كالتزكية له، وقد بينا أن العدالة المظنونة بالبحث والاختبار راجحة على المظنونة بالتزكية.
فروع ثلاثة
أحدها: لو صح رجحان المرسل على المسند فإنما يصح حيث يقول الراوي: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأما إذا لم يقل ذلك بل قال ما يحتمله كقوله: عن النبي- صلى الله عليه وسلم- فالأظهر أنه لا يترجح عليه، لأنه في معنى المسند، ولهذا قبله من لم يقبل المرسل.