أحدها: أن في تقديم المقرر على الناقل زيادة النسخ، لأنه إنما يقدم عليه بناء على تأخره عن المقرر وحينئذ يلزم النسخ مرتين، لان الناقل نسخ حكم العقل، ثم أن المقرر أزال حكم الناقل فيلزم النسخ مرتين لكن أحدهما عقلي، والثاني شرعي، بخلاف ما إذا قدمنا الناقل فإنه لم يلزم منه إلا النسخ مرة واحدة، لأنه حينئذ إنما يقدم على المقرر بناء على تأخره عنه، وحينئذ يكون المقرر واردًا أولا مؤكدًا لحكم العقل، ثم أن الناقل ورد بعده مزيلاً لحكمه فلم يلزم النسخ إلا مرة واحدة فكان أولى.
وأجيب عنه: بانا لا نسلم أنه يلزم من تقديم المقرر تكثير النسخ، وهذا لان دلالة العقل مشروطة بعدم دليل السمع، فإذا وجد لا يبقى دليل العقل لزوال ضرطه فلم يكن دليل السمع مزيلاً لحكم العقل، بل مبينا لانتهائه، فلا يكون ذلك خلاف الأصل.
وأيضًا: فإن ما ذكرتم معارض بوجه آخر، وهر: أنا لو جعلنا المبقى حكما مقدما في الورود لكان المنسوخ حكما ثابتا بدليلين: العقل والخبر وهو أشد مخالفة من النسخ مرتن لأنه يلزم منه نسخ الأقوى