وفيه نظر، وهذا لأنا قد نسلم أن قولنا: فلان وارث فلان يقتضى أن جميع ما للمورث يكون للوارث، لكن لا نسلم أن جميع ما للوارث يكون من الموروث، فلم يلزم من جواز العمل بالاجتهاد للعلماء الذين هم ورثة الأنبياء جوازه لهم- عليهم السلام-.
فإن قلت: الظاهر من قوله- عليه السلام- "العلماء ورثة الأنبياء"، أنهم ورثته فيما اختصوا به من العلم مطلقًا وحينئذ لو لم تكن علومهم الاجتهادية مورثة عن الأنبياء لكان ذلك تقييدًا للمطلق، وتخصيصًا للعام من غير ضرورة، وهو خلاف الأصل لا يصار إليه إلا لدليل.
قلت: لا نسلم المعنى على ما ذكرتم فضلاً عن أن يكون ذلك ظاهره وهذا لأن معناه: أن العلماء ورثة الأنبياء فيما كان للأنبياء من العلوم وعلى هذا التقدير، وإن كان يلزم منه التخصيص ضرورة أنهم ليسوا ورثته في العلوم التي هي مختصمة بالنبوة، لكنه خير من المجاز الذي ذكرتموه؛ فإن ما ذكرتم ليس حقيقة اللفظ بدليل أنه لا يفهم من قول القائل: زيد وارث عمرو وأنه وارثه فيما اختص [به، بل الذى يفهم منه أن زيدًا وارث عمرو فيما اختص]، بعمرو.