سلمناه لكن الفرق بينهما حاصل وبيانه من حيث الإجمال والتفصيل.
أما الإجمالي فهو: أن الإخبار بما لا يعلم كونه صدقا لا يؤمن فيه عن الكذب الذى هو عبارة عن الاخبار عن الشيء خلافًا ما هو عليه، وذلك مما لا يجوز الإقدام عليه لأحد من الأمة فضلاً عن النبي- عليه السلام- بخلاف الحكم بطريق الاجتهاد فإنه وإن اختلف في جوازه للنبي- عليه السلام- لكنه جائز للامة وفاقا، والاختلاف في الحكم دليل على الاختلاف في الحكمة.
وأما من حيث التفصيل فهو: أن الحكم بطريق الاجتهاد مما علم كونه صوابًا وحقًا لا محالة أما على قولنا: كل مجتهد مصيب فظاهر، وأما على قولنا: المصيب واحد فكذلك؛ لأن المجتهد مأمور بالعمل بما غلب على ظنه أنه حكم الله في حقه، فيكون العمل بمقتضى ما غلب على الظن حقصا وصوابًا قطعًا.
سلمنا احتمال الخطأ للمجتهد في الجملة لكن الرسول ممنوع عنه؛ وهذا لأنا وإن جوزنا له الاجتهاد لكن لا يجوز له أن يخطئ في اجتهاده فليس هو كالخبر الذي لا يؤمن من فيه عن الكذب.