وثانيها: أنه عبارة عن العدول عن موجب قياس إلى قياس أقوى منه.
وهذا لا خلاف فيه فلا يجوز تفسير الاستحسان المختلف فيه به.
ثم إنه غير جامع فإنهم نصوا على أن الرجل إذا قال: مالي صدقة، أنه يلزمه التصدق بكل ماله من جهة القياس، لكن الاستحسان يقتضي تخصيصه بمال الزكاة لقوله تعالى:{خذ من أموالهم صدقة} والمراد من الأموال المضافة إليهم أموال الزكاة، فهذا استحسان عندهم مع أنه ليس عدولًا عن قياس إلى قياس أقوى منه بل هو عدول عن موجب القياس إلى موجب النص.
ونحوه استحسانهم عدم وجوب القضاء على من أكل أو شرب ناسيًا، فإن القياس يقتضي وجوب القضاء وحصول الإفطار، لكن ترك العمل به واستحسنوا عدم وجوب القضاء وعدم حصول الإفطار للحديث.
وثالثهما: أنه عبارة عن تخصيص قياس بدليل هو أقوى منه وحاصله راجع إلى تخصيص العلة وقد عرف ما فيه من الخلاف. وأيضًا في قوله: بدليل هو أقوى منه نظرًا؛ وذلك لأن تخصيص العلة يثبت بتوقيف اقتضاء العلة للحكم على حصول شرط أو عدم مانع مع أن دليلها لا يجب أن يكون