أحدها: أن الخصال المذكورة، إن كانت متساوية في المصلحة التي تقتضي الوجوب، فيلزم أن يكون الكل واجبا وإلا لزم الترجيح من غير مرجح، وتخلف المعلول عن العلة، وإن لم تكن متساوية، بل بعضها مختص بما لأجله اختص بالوجوب، لم يجز التخيير بينه وبين غيره، لأن التخيير بين الواجب وبين غيره غير جائز، لما فيه من رفع معنى الوجوب فكان هو متعينا للوجوب ولما لم يكن كذلك وفاقا، دل ذلك على أن الكل واجب غاية ما يقال عليه، أن الإتيان بالكل غير واجب أيضا بالإجماع.
لكن يمكن أن يقال: في دفعه إنه يجوز أن يكون إتيان البعض سببا لسقوط الباقي، كما في فرض الكفاية، أو يقال عند إتيان البعض يجوز أن يسقط التكليف بالباقي، كما في إتيان غير الواجب، فإنه قد يسقط عنده التكليف بالواجب عندكم، بل ما نحن فيه أولى لاستواء الكل في الوجوب.
وثانيها: لو لم يكن الكل واجبا، فإما أن لا يجب شيء منها وهو باطل وفاقا، أو يجب شيئا منها، وهو إما معين/ (٨١/أ)، أو غير معين، وكلاهما باطلان.
أما الأول: فلوجهين:-
أحدهما: ما سبق وهو أنه لم يجز التخيير بينه وبين غيره حينئذ.
وثانيهما: أن لو كان كذلك لوجب أن ينصب الله تعالى عليه دليلا معينا غير اختيار المكلف وتسميته، كما في سائر الواجبات لئلا يلزم منه تكليف