ما لا يطاق، وحيث لم ينصب الدليل دل ذلك على بطلانه.
وأما الثاني: فلأن ذلك الغير المعين، إما أن يكون لتعيينه طريق أو لا يكون، وهذا الثاني باطل وفاقا.
وبيانه: أن منهم من أحال القول بوجوب واحد لا بعينه، ومنهم من اعترف به وكل من اعترف به، قال: يتعين لوجوب ما يختاره المكلف ويفعله، فالقول بوجوب واحد لا بعينه وليس لتعيينه طريق قول لم يقل به أحد.
وأما الأول: فذلك الطريق، إما باختيار المكلف، أو غيره.
الثاني: باطل لما سبق، والأول كذلك أيضا لوجهين:
أحدهما: ما سبق وهو القياس على سائر الواجبات.
وثانيهما: أن نظر العبد وعقله قاصر عن معرفة المصالح المقتضية للوجوب النافعة له معادا ومعاشا، فلا يجوز أن يفوض إلى رأيه القاصر تعيين الواجب، كما لا يجوز أن يفوض إليه أصله، حتى يجوز أن يقال له: أفعل ما شئت فإنك لا تفعل إلا ما هو الواجب وليس هذا مما اختلف فيه، فإن ذاك إنما هو بالنسبة إلى النبي، أو بالنسبة إلى من علم الله عصمته، أما جوازه بالنسبة إلى كل واحد من المكلفين فذاك مما لم يقل به أحد.
وثالثها: لو كان الواجب واحدا لا بعينه، لكان ما عدا ذلك الواحد غير واجب، فلو كفر ثالثة من المكلفين، كل واحد منهم بكل واحدة من تلك الخصال الثلاثة غير ما كفر به الآخر، لكان الواحد منهم لا بعينه هو المكفر بالواجب دون الآخرين، لكن الإجماع منعقد على أن كل واحد منهم مكفر بالواجب وذلك يدل على أنه ليس الواجب واحد لا بعينه، بل الكل واجب.
واحتج: من زعم أن الواجب واحد بعينه، وهو ما علم الله تعالى أن المكلف