ولهذا لم يعتبر بعضهم: تعلق الخطاب بالوضع في تعريف الحكم الشرعي، بل اقتصر على قوله: والخطاب المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، لأن الحكم بالسببية، والشرطية، راجع إلى الأحكام الخمسة، فعلى هذا ما يكون سببا للحكم التكليفي يكون حكما تكليفا، وما لا فلا.
فإن قلت: سلمتم أن المباح ليس من التكليف إلا باعتبار الاعتقاد، والمندوب ساواه في التخيير بين الفعل والترك من غير حرج فيهما، وإنما يمتاز عنه باستحقاق الثواب بفعله، وهو ليس سبب الكلفة والمشقة، بل هو سبب اليسر والسهولة، إذ الفعل الذي له عوض أيسر على الإنسان من الذي لا / (٩٩/ب) عوض له، فإذا لم يكن المباح من التكليف، مع كونه متفقا من حيث إنه لا عوض فيه، فالمندوب مع يسره أولى أن لا يكون منه.
قلت: المندوب وإن ساوى المباح في مسمى التخيير، لكن يمتاز عنه بكون التخير فيه بصفة الترجيح، والتخيير في المباح بصفة التساوي، ومع ظهور الفارق المناسب لا يصح لقياس.
قوله: إنما يمتاز عنه باستحقاق الثواب بفعله وهو من جهة أسباب اليسر لا العسر والكلفة.
قلنا: المعتبر في كون الفعل من التكليف، أن يكون منشأ الكلفة فعله أو تركه مع كونه مطلوب الفعل أو الترك، وأما اليسر الناشئ من جزالة العوض فغير قادح فيه، وإلا لزم أن يكون الواجب الذي لا كلفة فيه مع ما فيه من