قلت: الجواب عن الأول: أنه لا يجوز أن يكون المراد من كون الله تعالى أمر الكافر بالإيمان أنه أخبر بأنه مريد لعقابه عندما لا يؤمن. لوجهين:
أحدهما: أنه لو كان كذلك لكان الأمر قسمًا من أقسام الخبر لا قسمًا له، وهو خلاف إجماعهم، فإنهم بأسرهم قسموا الكلام إلى الأمر والخبر وغيرهما من الأقسام، ولو كان الأمر قسمًا من الخبر لما صح هذا التقسيم، إذ قسم الشيء لا يجوز أن يكون قسيمًا له.
وثانيهما: أنه لو كان كذلك لتطرق إليه التصديق والتكذيب ضرورة أنه من لوازم الخبر لكنه باطل وفاقًا، فلا يكون خبرًا عن إرادة العقاب.
فإن قلت: لم لا يجوز أن يقال: تطرق التصديق والتكذيب إلى الخبر مشروطًا ببقاء صيغة الخبر والشيء قد ينتفي بانتفاء شرطه؟
قلت: هذا باطل بما أعلم بالضرورة أنه لو وضعوا صيغة الأمر أو النهي ابتداء للخبر لتطرق إليه التصديق والتكذيب، وكذلك لو نقلوها إلى صيغة أخرى أو إليها مع بقائها، ولأن تطرق التصديق والتكذيب إلى الخبر غير مختص باللغة العربية حتى يقال: إن بقاء صيغته شرط لذلك.
وقد أجيب عنه: بجواب آخر، وهو أنه لو كان إخبارًا عن إرادة عقاب تاركه لامتنع سقوطه لكنه غير ممتنع إجماعًا، أما عندنا فبالعفو والتوبة، وأما / (١٢٧/ب) عندهم فبالتوبة خاصة في الكبائر.
وهو ضعيف، لجواز أن يكون إخبارًا مقيدًا بانتفاء المسقط، كما هو في عمومات الوعيد، وإذا بطل أن يكون المراد من كون الله تعالى أمر الكافر