فإن قلت: لا نسلم أن صدور الإيمان من هذا الكافر محال، ولا نسلم أن صدوره يفضي إلى أن ينقلب علمه تعالى جهلاً، وهذا لأن العلم بالوقوع وعدم الوقوع تبع للوقوع واللاوقوع، فإذا فرض وقوع الإيمان منه في حال الحياة، كان العلم الأزلي متعلقًا بالإيمان بدلاً عن الكفر، وإذا فرض وقوع الكفر منه في حال الحياة، كان العلم الأزلي متعلقًا به في الأزل بدلاً عن الإيمان، فلم يلزم عند وقوع الإيمان بدلاً عن الكفر، ووقوع الكفر بدلاً عن الإيمان إلا وقوع العلم بالإيمان بدلاً عن العلم بالكفر ووقع العلم بالكفر بدلاً عن العلم بالإيمان لا ما ذكرتم من انقلاب العلم إلى الجهل في الماضي.
واعلم أن هذا طريقة الكعبي، واختاره أبو الحسين في التقصي والانفصال عما ذكرنا من الدلالة.
وأما طريقة الباقين منهم نحو أبي على وأبي هاشم، والقاضي: فأضعف من هذا.
وهي أنهم قالوا: ثبت بالدلائل القاطعة إن العلم بوقوع الشيء، أو لا وقوعه لا يجوز أن يكون مانعًا من الوقوع واللاوقوع وستعرف بعض / (١٦٦/ب) تلك الدلائل، فعند هذا لو قيل: بأن علمه تعالى بالكفر ينقلب جهلاً، عند صدور الإيمان كان ذلك خطأ.
ولو قيل: بأنه لا ينقلب كان ذلك أيضًا خطأ، فيجب الإمساك عن القولين.
سلمنا: أن ما ذكرتم من الدلائل تقتضي امتناع صدور الإيمان من الكافر