الذي علم الله تعالى أنه يموت على الكفر، لكنه معارض بوجوه:
أحدها: لو كان "الشيء" يمتنع عدمه بسبب تعلق العلم بوجوده أو يمتنع وجوده بسبب تعلق العلم بعدمه، لزم أن لا يكون الله تعالى قادرًا على شيء، لأن علمه متعلق بكل شيء فما علم وجوده يصير واجب الوجود، وما علم عدمه يصير ممتنع الوجود، ولا قدرة على الواجب والممتنع.
وثانيها: أن العلم يتعلق بالمعلوم على ما هو عليه في نفسه فالعلم يتعلق بالممكن لجواز الوجود والعدم، لأن الممكن على جوازهما في نفسه فلو صار الممكن واجب الوجود أو واجب العدم بسبب تعلق العلم به، لزم أن يكون ذلك العلم جهلاً، ولزم أيضًا أن يكون ذلك الممكن جائز العدم وممتنعة، وأن يكون جائز الوجود وممتنعة، وفي ذلك اجتماع النقيضين، ولزم أيضًا أن يكون العلم التابع للمعلوم مؤثرًا فيه وهو محال.
وثالثها: لو كان العلم بالوجود مانعًا من العدم، أو العلم بالعدم مانعًا من الوجود، لزم أن لا يكون للعبد اختيار في أفعاله وأقواله الاختيارية، لأن ما علم الله تعالى وجوده يجب أن يكون موجودًا، وما علم عدمه يمتنع وجوده، فكانت حركاته وسكناته جارية مجرى الحركات والسكنات الاضطرارية حركات وسكنات الجمادات، وفساد هذا معلوم بالضرورة.
ورابعها: أن تعلق العلم بالمعلوم إن كان موجبًا لوجوده، لزم أن يكون العلم قدرة وإرادة، إذ لا معنى لهما إلا كونهما موجبين لوجود الممكنات