عند تعلقهما به، وإن لم يكن موجبًا لوجوده لم يكن تعلق العلم الأزلي بالفكر مانعًا من الإيمان.
وخامسها: لو كان العلم بالكفر مانعًا من الإيمان، لكان أمر الله تعالى الكافر بالإيمان أمرًا له بإعدام علمه ضرورة أن ما يتوقف عليه الواجب فهو واجب، إذ لا يعتبر كونه مقدورًا له على تقدير جواز تكليف ما لا يطاق، ووجود الإيمان يتوقف على انتفاء موانعه، لكن ذلك غير جائز كما لا يجوز أن يأمر بإعدام ذاته تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
وسادسها: وهو أقوى الوجوه، وهو أنه تعالى إذا علم أن الكافر يترك الإيمان ويختار الكفر / (١٦٧/أ) ويموت عليه، فإما أن يعلم أنه يتركه ويتلبس بالفكر، وهو مجبور عليه لا خيرة له في ذلك وأنه شاء أم أبي فإنه لابد وأن يتركه أو يعلم أنه يتركه، ويتلبس بالكفر، وهو مختار فيه متمكن من الفعل والترك.
فإن ادعيتم الأول فممنوع، وهذا لن العبد عندنا قادر مختار متمكن من الفعل والترك، فلو علم الله تعالى الترك على ما ذكرتم من الوجه لكان ذلك جهلاً لا علمًا، فإن دللتما على ذلك بدليل آخر صحيح الدلالة فمع تعذره وبطلان هذا المذهب باتفاق بيننا وبين أكثر خصومنا، كان التمسك بمسألة العلم ضائعًا، فإن ذلك الدليل مستقل في إثبات تكليف ما لا يطاق، فإنه متى ثبت "الجبر" كان وقوع تكليف ما لا يطاق لازمًا، وأيضًا فإنكم تتمسكون على لزوم "الجبر" بمسألة العلم، فلو كانت دلالة مسألة العلم على لزوم الجبر متوقفة عليه لزم الدور، وأنه باطل.
وإن ادعيتم الثاني فمسلم، لكنه غير مانع من الإتيان به، إذ لو كان