مانعًا منه لزم أن لا يكون ذلك العلم علمًا بل يكون جهلاً، لأن متعلقة حينئذ يكون غير مطابق له، لأن التمكن من القصد والترك حينئذ يكون غير ثابت، إذ التمكن من الفعل مع المانع منه غير ثابت، وإذا لم يكن التمكن من الفعل والترك حاصلاً كان علمه، بأنه متمكن منه ومختار فيه جهلاً لا علما تعالى عن ذلك علوًا كبيرًا.
الجواب عن الأول: أنا وإن كنا لا ندري أن علم الله تعالى في الأزل كان متعلقًا بالكفر بعينه، أو بالإيمان بعينه ما دام الرجل في قيد الحياة حتى كان يمكننا الجزم بانقلاب العلم جهلاً عند صدور غير ما هو متعلق العلم، بل أيهما صدر منه في حال الحياة ومات عليه، علمنا أن العلم الأزلي كان متعلقًا به، [لكن] لما مات على الكفر علمنا أن العلم الأزلي كان متعلقًا به وتبينا أن صدور الإيمان منه في حال الحياة كان محالاً، لاستلزامه انقلاب العلم جهلاً وقد كان مأمورًا به في حال الحياة بالإجماع، فكان مأمورًا بالمحال.
وعن الثاني: إن كان المراد من قولهم: إن القول بالانقلاب خطأ وبعدمه أيضًا خطأ الحكم بفساد القسمين كان ذلك حكمًا بفساد النفي والإثبات، وذلك إنكار للبديهيات وخروج عن غريزة العقل، وإن كان المراد منه أن الحكم بأحدهما حق، ولكن "لا تعرف" أن الحق ما هو منهما فخطأ الحكم بأحدهما بعينه، فيجب الإمساك عن الحكمين لكيلا يحكم بما هو غير