ولا يجب عليه كشف ما ستر عنه لأن الله تعالى نهى عن ذلك فقال:{ولا تجسسوا}[الحجرات: ١٢]، إنما الواجب عليه إنكار ما ظهر، وفي بحث ما ستر كشف الستر، وذلك ممنوع في الشرع.
(فصل) وإنما شرطنا القدرة على ذلك ما روى عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((ما من قوم يكون فيهم رجل يعمل المعاصي، ويقدرون أن يغيروا عليه فلا يغيروا عليه إلا عمهم الله بعذاب قبل أن يتوبوا)).
فقد شرط عليه الصلاة والسلام ذلك وهو إذا كانت الغلبة لأهل الصلاح وعدل السلطان وأعانه أهل الخير.
وأما إذا كان الإنكار تغريرًا بالنفس مع لحوق الضرر به وبماله فلا يجب عليه ذلك؛ لقوله عز وجل:{ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}[البقرة: ١٩٥]، وقوله تعالى:{ولا تقتلوا أنفسكم}[النساء: ٢٩].
وقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه، قيل يا رسول الله: كيف يذل نفسه؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: لا يتعرض لما لا يمكنه)).
وقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: ((إذا رأيتم أمرًا لا تستطيعوا تغييره فاصبروا حتى يكون الله تعالى هو الذي يغيره)).
فإذا ثبت أنه لا يجب عليه الإنكار فهل يجوز إنكاره إذا غلب على ظنه الخوف على نفسه، فعندنا يجوز ذلك وهو الأفضل إذا كان من أهل العزيمة والصبر، فهو كالجهاد في سبيل الله مع الكفار، وقد قال الله تعالى في قصة لقمان:{وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك}[لقمان: ١٧].
وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة رضي الله عنه:((يا أبا هريرة مر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك)).
ولاسيما إذا كان ذلك عند سلطان جائر، أو لإظهار كلمة الإيمان عند ظهور كلمة