(فصل) ويعتقد أهل الإسلام قاطبة أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم رسول الله، وسيد المرسلين وخاتم النبيين -عليهم السلام-، وأنه مبعوث إلى الناس كافة وإلى الجن عامة.
كما قال الله -عز وجل-: {وما أرسلناك إلا كافة للناس}[سبأ: ٢٨]، وقال تعالى:{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}[الأنبياء: ١٠٧].
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-: «إن الله فضلني على الأنبياء بأربع: أرسلني إلى الناس كافة ...» وذكر الحديث.
وأنه -صلى الله عليه وسلم- أعطى من المعجزات ما أعطى غيره من الأنبياء وزيادة، وقد عدها بعض أهل العلم ألف معجزة.
منها القرآن المنظوم على وجه مخصوص مفارق لجميع أوزان كلام العرب ونظمه وترتيبه وبلاغته وفصاحته على وجه جاوز فصاحة كل فصيح، وبلاغة كل بليغ، وعجزت العرب أن تأتي بمثله، ولا بسورة منه كما قال الله تعالى:{فأتوا بعشر سور مثله مفتريات}[هود: ١٣] فلم يأتوا، ثم قال تعالى:{فأتوا بسورة من مثله}[البقرة: ٢٣] فعجزوا عن ذلك مع براعتهم وفصاحتهم على أهل زمانهم، وانقطعوا فظهر فضله عليهم، فلذلك صار القرآن معجزة له -صلى الله عليه وسلم-، كالعصا في حق موسى -عليه السلام- لأن موسى بعث في زمن السحرة الحذاق في صنعتهم، فتلقفت عصا موسى -عليه السلام- ما سحروا به أعين الناس وخيلوه إليهم:{فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين * وألقي السحرة ساجدين}[الأعراف: ١١٩ - ١٢٠].
وكإحياء عيسى -عليه السلام- الموتى، وإبراءه الأكمه والأبرص لأنه -عليه السلام- بعث في زمن الناس فيه أطباء حذاق، يوقفون الأعلال والأسقام التي لا تبرأ ببراعتهم في حذق الصنعة، فانقادوا إليه وأمنوا به لمجاوزته في الصنعة عليهم وبراعته في المعجزة فيما تعاطوه منه.
ففصاحة القرآن وإعجازه معجزة للنبي -صلى الله عليه وسلم- كالعصا وإحياء الموتى في حق موسى وعيسى عليهما السلام.
ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام نبع الماء من بين أصابعه وإطعام الزاد القليل