[باب في صحبة الإخوان والصحبة مع الأجانب وكيف الصحبة مع الأغنياء والفقراء]
أما الصحبة مع الإخوان:
فبالإيثار والفتوة والصفح عنهم والقيام معهم بشرط الخدمة، لا يرى لنفسه على أحد حقًا، ولا يطالب أحدًا بحق، ويرى لكل أحد عليه حقًا، ولا يقصر في القيام بحقهم.
ومن الصحبة معهم إظهار الموافقة لهم في جميع ما يقولون أو يفعلون، ويكون أبدًا معهم على نفسه ويتأول لهم ويعتذر عنهم، ويترك مخالفتهم ومنافرتهم ومجادلتهم ومماراتهم ومشاددتهم، ويتعامى عن عيوبهم، فإن خالفه أحد منهم في شيء سلم له ما يقول في الظاهر، وإن كان الأمر عنده بخلاف ما يقوله.
وينبغي أن يحفظ أبدًا قلوب الإخوان، ويجتنب فعل ما يكرهونه وإ، علم فيه صلاحهم، فلا ينطوى لأحد منهم على حقد وإن خامر قلب واحد منهم كراهة له تخلق معه بشيء حتى يزول ذلك، فإن لم يزل زاد في الإحسان والتخلق حتى يزول، وإن وجد هو في قلبه من أحد منهم استيحاشًا وأذية بغيبة أو غيرها فلا يظهر ذلك من نفسه ويرى من نفسه خلاف ذلك له.
* * *
[(فصل) وأما الصحبة مع الأجانب]
فيحفظ السر عنهم، وينظر إليهم بعين الشفقة والرحمة، وأن يسلم أحوالهم إليهم، ويستر عليهم أحكام الطريقة، ويصبر على سوء أخلاقهم وترك معاشرتهم ما أمكنه، وألا يعتقد لنفسه عليهم فضيلة ويقول: إنهم من أهل السلامة فيتجاوز الله عنهم، ويقول لنفسه: أنت من أهل المضايقة، فتطالبين بالنقير والقطمير والحقير والكبير، وتحاسبين على الكبير والصغير، وأن الله تعالى يتجاوز للجاهل مالا يتجاوز بمثله من العالم، والعوام لا يبالى بهم والخواص على الخطر.