قال الله عز وجل:{إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم}[التوبة: ٣٦].
سبب نزول هذه الآية أن المؤمنين ساروا من المدينة إلى أهل مكة قبل أن يفتح على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: إنا نخاف أن يقاتلنا كفار مكة في الشهر الحرام، فأنزل الله تعالى:{إن عدة الشهور عند الله أثنا عشر شهرًا في كتاب الله} يعني في اللوح المحفوظ {يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم} يعني من العدة حرم، يعني رجب، وذا القعدة، وذا الحجة، والمحرم، واحد فرد وهو رجب وثلاثة سرد متتابعة {وذلك الدين القيم}[التوبة: ٣٦] يعني الحساب القيم المستقيم {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}[التوبة: ٣٦] يعني في الأشهر الحرم، خص الله تعالى بالنهي هذه الأربعة الأشهر ليبين لنا تمييزها بعظم حرمتها وتأكيد أمرها بالنهي عن الظلم فيها على غيرها من الشهور، وإن كان الظلم منهيًا عنه في سائر الشهور، كما قال الله تعالى:{حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى}[البقرة: ٢٣٨] أمر بالمحافظة على الصلاة الوسطى وهي العصر، وإن كان الأمر شاملًا في المحافظة لجميع الصلاة، وإنما أفرد الوسطى بالصلاة بالذكر لما ذكرنا من الاختصاص، والتمييز في الحرمة والتأكيد يعني بالظلم ألا تقتلوا فيهن أحدًا من مشركي العرب إلا أن يبدؤوكم بالقتل.
وقال أبو يزيد رحمه الله: الظلم: هو لترك لطاعة الله تعالى والعمل بمعاصي الله عز وجل.
وقال غيره: هو وضع الشيء في غير موضعه، وهو راجع إلى ذلك، ثم قال تعالى:{وقاتلوا المشركين}[التوبة: ٣٦] يعني كفار مكة {كافة}[التوبة: ٣٦] جميعًا {كما يقاتلونكم كافة}[التوبة: ٣٦] يعني إن قاتلوكم في الشهر الحرام فقاتلوهم جميعًا {واعلموا أن الله}[التوبة: ٣٦] في النصر {مع المتقين}[التوبة: ٣٦].