اللعين، يعني يتبعونه على أمره فيضلهم عن دينهم الإسلام {والذين هم به}[النحل: ١٠٠] يعني بالله {مشركون}[النحل: ١٠٠] أي من أجله مشركون.
(فصل) ومعنى أعوذ: الاستعاذة والاستجارة والالتجاء والمعاذ والملتجأ، يقال: عاذ به يعوذ عياذًا وأعوذ عوذًا، ومعنى معاذ الله: أي ألجأ إليه وأعوذ به. يقال: هذا عوذ لي مما أخاف، أي مجيري والدافع عني، فكان العبد يعوذ بالله ليقيه شر الشيطان، والتعوذ بالقرآن هو التشفي به.
وقيل: معنى الاستعاذة: الاحتراز بالله -عز وجل-، قال الله تعالى حاكيًا عن أم مريم حنة:{وإني أعيذها بك وذريتها}[آل عمران: ٣٦] يعني مريم وعيسى {من الشيطان الرجيم}[آل عمران: ٣٦] يعني احترز بالله في حقهما من الشيطان الرجيم.
واشتقاق الشيطان مأخوذ من الشطن وهو الحبل الطويل المضطرب، والشطن: البعد، فكأنه تباعد من الخير وطال في الشر واضطرب فيه، ثم قيل للإنسان شيطان: أي كالشيطان في فعله، وكل شيء مستقبح فهو مشبه بالشيطان، فيقال كأن وجهه وجه الشيطان، وكأن رأسه رأس الشيطان، ومنه قوله -عز وجل-: {طلعها كأنه رؤوس الشياطين}[الصافات: ٦٥] فهو رأس الشيطان المعروف، وقد قيل هي حيات لها رؤوس منكرة وأعراف، وقيل رؤوس الشياطين ثبت معروف.
وأما الرجيم: فهو المرجوم باللعن، أي رماه باللعن وأبعده من الحضرة بعصيانه في ترك السجود لآدم -عليه السلام-، ورجمته الملائكة بالرماح وطردته بها حينئذ من السماء إلى الأرض، ثم جعلت له الكواكب رجومًا، فيرجم هو وذريته إلى أن تقوم الساعة بالكواكب، وباللعن. كما قال الله -عز وجل-: {وجعلناها رجومًا للشياطين}[الملك: ٥].
(فصل) الشيطان بعيد من الله، وبعيد من كل خير، وبعيد من الجنة، وقريب إلى النار.
فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمته الكرام بالتعوذ من الشيطان الرجيم، المبعد من الرحمن ليبعدوا من النيران، ويقربوا إلى الجنان، وينظروا إلى وجه المنان.
فكان الله -عز وجل- يقول: يا عبدي، الشيطان مني بعيد، وأنت مني قريب، فأحسن الأدب في حفظ الحال حتى لا يكون للشيطان عليك سبيل لسبب من الأسباب، وحسن الأدب في أداء الأمر وانتهاء النهي والرضا بجريان المقدور في النفس والمال والأهل والولد والخلائق أجمعين.