وقال أبو سليمان رحمه الله: ما استحسنت من نفسي عملاً فاحتسبت به.
وقال السري رحمه الله: إياكم وجيران الأغنياء وقراء الأسواق وعلماء الأمراء.
وقال ذو النون المصري رحمه الله:
إنما دخل الفساد على الخلق من ستة أشياء:
أولها: ضعف النية بعمل الآخرة.
والثاني: صارت أبدانهم رهينة بشهواتهم.
والثالث: طول الأمل مع قرب الأجل.
والرابع: آثروا رضى المخلوقين على رضا الخالق.
والخامس: اتبعوا أهواءهم، ونبذوا سنة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وراء ظهورهم.
والسادس: جعلوا قليل زلات السلف حجة أنفسهم، ودفنوا كثير مناقبهم
(فصل) والأصل في المجاهدة مخالفة الهوى.
فيعظم نفسه عن المألوفات والشهوات واللذات، ويحملها على خلاف ما تهوى في عموم الأوقات، فإذا انهمك في الشهوات ألجمها بلجام التقوى والخوف من الله عز وجل، فإذا حرنت ووقفت عند القيام بالطاعات والموافقات ساقها بسياط الخوف وخلاف الهوى ومنع الحظوظ.
(فصل) ولا تتم المجاهدة إلا بالمراقبة.
وهي التي أشار إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين سأله جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" لأن المراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه عليه، واستدامة لهذا العلم مراقبة لربه، وهذا هو أصل كل خير، وإنما يصل إلى هذه الرتبة بعد المحاسبة وإصلاح حاله في الوقت، ولزوم طريق الحق وإحسان مراعاة القلب بينه وبين الله تعالى، وحفظ الأنفاس مع الله عز وجل، فيعلم أن الله تعالى عليه رقيب، ومن قلبه قريب، يعلم أحواله ويرى أفعاله، ويسمع أقواله، ولا تتم أيضًا إلا بمعرفة خصال أربع:
أولها: معرفة الله تعالى.
والثانية: معرفة عدو الله إبليس.