وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الذي يحلق في المصر خليق بالشيطان، ولأن في ذلك تشبهًا بالأعاجم، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من تشبه بقوم فهو منهم».
وإذا ثبت كراهية ما ذكرنا جعل مكانة أخذ الشعر بالجلم وهو المقص، كما كان يفعل أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وإن شاء استقص في ذلك فيقصه من أصله، وإن شاء أخذ أطراف الشعر، والرواية الأخرى، لا يكره ذلك لما روى أبو داود بإسناده عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: «إن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمهل آل جعفر ثلاثًا أن يأتيهم ثم أتاهم فقالوا: لا تبكوا على أخي بعد اليوم، ثم قال -صلى الله عليه وسلم-: ادعوا لي بني أخي، فجيء بنا كأنا أفرخ، فقال -صلى الله عليه وسلم-: ادعوا لي الحلاق، فأمره فحلق رؤوسنا.
وقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حلق رأسه في آخر عمره بعد أن كان شعره يضرب منكبيه.
وفي حديث علي رضي الله عنه: كان شعر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى شحمتي أذنيه.
ولأن الناس عصرًا بعد عصر يحلقون ولم يظهر عليهم نكير، ولأن في ذلك مشقة وحرجًا فعفى عنه كما عفى عن سؤر الهرة وحشرات الأرض.
(فصل: ويكره القزع)
وهو أن يحلق بعض الشعر ويترك بعضه، لماروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنه نهى عن القزع.
وأما حلق القفا فمكروه إلا في الحجامة خاصة، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن حلق القفا إلا في الحجامة، لأنه من فعل المجوس، وكان أبو عبد الله أحمد يحلقه في الحجامة،