وعن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال:"من صلى العشاء والمغرب في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر، ومن قرأها -يعني سورة القدر -فكأنما قرأ ربع القرآن".
ويستحب أن يقرأها في العشاء الأخيرة من شهر رمضان.
(فصل) فإن قال قائل، لم لم يطلع عباده على ليلة القدر يقينًا وقطعًا كما أطلعهم على ليلة الجمعة وبينها لهم؟
قيل له: يتكل العباد على عملهم فيها، فيقولون: قد عملنا في ليلة خير من ألف شهر، فقد غفر الله لنا وحصل لنا عنده درجات وجنات، فلا يعملوا عملاً ويطمئنوا فيغلب عليهم الرجاء فيهلكوا، وهذا كما لم يطلعهم على فناء آجالهم لئلا يقول من كان في عمره طول: أتبع الشهوات واللذات والتنعيم في الدنيا، فإذا قاربت فناء أجلى تبت واشتغلت بعبادة ربي وأموت تائبًا مصلحًا، فيغيب الله تعالى عنهم آجالهم ليكونوا أبدًا على وجل وحذر من الموت فيحسنوا العمل ويداوموا على التوبة وإصلاح العمل، فيأتيهم الموت وهم على خير حال، فتصل إليهم الأقسام من اللذات والشهوات في الدنيا، وينجون من عذاب الله في الآخرة برحمة الله تعالى.
وقيل: إن الله تعالى أخفى خمسة أشياء في خمسة:
الأول: أخفى رضاه في الطاعات.
والثاني: أخفى غضبه في المعاصي.
والثالث: أخفى الصلاة الوسطى بين الصلوات.
والرابع: أخفى وليه في خلقه.
والخامس: أخفى ليلة القدر في شهر رمضان.
(فصل) وأن الله -عز وجل -أعطى المصطفى -صلى الله عليه وسلم -خمس ليالي:
الأولى: ليلة المعجزة والقدرة وهي ليلة انشقاق القمر؛ قوله تعالى:{اقتربت الساعة وانشق القمر}[القمر: ١] وكان انفلاق البحر لموسى -عليه السلام -، وهو يضرب العصا.
والانشقاق لمحمد -صلى الله عليه وسلم -وهو بإشارة أصبع المصطفى -صلى الله عليه وسلم -، فهو أعظم في المعجزات والإعجاز والقدرة.