وروي أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه دعا غلامًا له فلم يجبه، فدعاه ثانيًا وثالثًا فلم يجبه، فقام إليه فرآه مضطجعًا، فقال: أما تسمع يا غلام؟ قال: نعم، قال: ما حملك على ترك جوابي؟ قال: أمنت عقوبتك فتكاسلت، قال: امض فأنت حر لوجه الله عز وجل.
وقيل: الخلق الحسن أن تكون من الناس قريبًا وفيما بينهم غريبًا.
وقيل: الخلق الحسن قبول ما يرد عليك من جفاء الخلق وقضاء الحق بلا ضجر ولا قلق.
وقيل: مكتوب في الإنجيل: عبدي اذكرني حين تغضب أذكرك حين أغضب.
وقالت امرأة لمالك بن دينار رحمه الله تعالى: يا مرائي، فقال: يا هذه قد وجدت اسمي الذي أضله أهل البصرة.
وقال لقمان لابنه: يا بني لا تعرف ثلاثًا إلا عهد ثلاث: الحليم عند الغضب، والشجاع في الحرب، والأخ عند الحاجة إليه.
وقال موسى عليه السلام: يا إلهي أسألك ألا يقال لي ما ليس في، فأوحى الله تعالى إليه: ما فعلت ذلك لنفسي، فكيف أفعله لك؟
* * *
[(فصل) وأما الشكر]
فالأصل فيه قوله عز وجل:{لئن شكرتم لأزيدنكم}[إبراهيم: ٧] وما روي عن عطاء رحمه الله تعالى قال: "دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: أخبرينا بأعجب ما رأيت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبكت ثم قالت: وأي شيء من شأنه لم يكن عجبًا؟ إنه أتاني في ليلة فدخل معي في فراشي، أو قالت: في لحافي: حتى مس جلدي جلده، ثم قال: يا بنت أبي بكر ذريني أتعبد لربي، قالت: فقلت: إني أحب قربك، ولكني أؤثر هواك، فأذنت له -صلى الله عليه وسلم- فقام إلى قربة من ماء، فتوضأ وأكثر صب الماء، ثم قام فصلى، فبكى حتى سالت دموعه على صدره، ثم ركع فبكى، ثم سجد فبكى، ثم رفع رأسه فبكى، فلم يزل -صلى الله عليه وسلم- كذلك حتى جاء بلال رضي الله عنه فأخبره بالصلاة، فقلت: يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: