وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤخذ بعزائمه".
فالعجب كل العجب ممن يتم الصلاة في السفر ويصوم فيه، ويترك الرخص، وهو يرتكب الكبائر من أكل الحرام وشرب المسكر ولبس الحرير والزنا واللواطة، واعتقاد السوء في الأصول وغير ذلك من العظائم.
* * *
[(فصل) وأما الجمع بين الصلاتين]
فجائز بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في السفر، بشرط أن يكون السفر طويلًا، وهو ستة عشر فرسخًا على ما بينا. ولا يجوز ذلك في القصير، وهو ما دون ذلك، وهو مخير بين تأخير الأولى إلى تقديم الثانية، إلى وقت الأولى.
والاستحباب في التأخير وهو أن يؤخر الأولى ويقدم الثانية، فيصليها في أول وقت الثانية، فإن صلاهما في وقت الأولى قدم الأولى منهما ثم الثانية، ونوى الجمع عند الإحرام بالأولى، ولا يفرق بينهما إلا بقدر الإقامة والوضوء إن انتقض وضوءه، وإن صلى بينهما سنة الصلاة بطل الجمع في إحدى الروايتين، والأخرى: لا يبطل، والأولى أن يؤخر السنة إلى بعد الفراغ من الفرض، ولا يفصلها بشيء، وإن جمع في وقت الثانية فنيته في وقت الأولى تجزيه، ولا يفتقر إلى تجديد النية عند فعلهما، لأنه ما أخر الأولى إلا ليجمع بينها وبين الثانية ولا فرق بين أن ينوي ذلك في أول وقت الأولى، أو إذا بقى منه مقدار فعلها، فإن خرج وقت الأولى من غير نية الجمع لم يجز الجمع بينهما، وإذا جمع في وقت الثانية قدم الأولى ثم الثانية، كما لو صلاهما في وقت الأولى، وهي يشترط ألا يفرق بينهما بسنة وغيرها على وجهين، ومن أصحابنا من قال إن الجمع والقصر لا يفتقران إلى نية، وهو أبو بكر رحمه الله.
وأما الجمع لأجل المطر فيجوز بين المغرب والعشاء، وهل يجوز بين الظهر والعصر على وجهين.