الرب تبارك وتعالى حاجة إلا قضاها ولا سؤالاً إلا أجابه ولا ذنبًا إلا غفره، فينصرفون مغفورًا لهم".
وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما -: "فإذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة، وإذا كان غداة الفطر بث الله ملائكته في كل البلاد، فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمعه كل من خلق الله تعالى إلا الجن والإنس، فيقولون: يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم يعطى الجزيل ويغفر الذنب العظيم، فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله تعالى لملائكته: يا ملائكتي، فيقولون: لبيك وسعديك، فيقول لهم: ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فيقولون: إلهنا وسيدنا ومولانا -توفيه أجره، فيقول جل جلاله: أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب صيامهم من شهر رمضان وقيامهم رضائي ومغفرتي، ثم يقول: يا عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم في جمعكم شيئًا لآخرتكم إلا أعطيتكم، ولا لدنياكم إلا نظرت لكم، وعزتي وجلالي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني، ولا أخزيكم ولا أفضحكم بين أصحاب الحدود، انصرفوا مغفورًا لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم، قال: فتفرح الملائكة وتستبشر بما يعطى الله -عز وجل -هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان".
[(فصل) وأربعة أيعاد لأربعة أقوام]
أحدها: عيد قوم إبراهيم، قوله -عز وجل -: {نظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم}[الصافات: ٨٨ - ٨٩].
وذلك أن قومه خرجوا إلى عيد لهم فتخلف إبراهيم -عليه السلام -عنهم واعتل بعلة ولم يخرج معهم، لأنه لم يكن على دينهم، فلما خرجوا أخذ فأسًا وكسر أصنامهم، وجاء بالفأس فوضعه على عنق الضم الكبير، فلما رجعوا قالوا:{من فعل هذا بآلهتنا ...}[الأنبياء: ٥٩] إلى قوله -عز وجل -: {أأنت فعلت هذا بآياتنا يا إبراهيم}[الأنبياء: ٦٢] القصة إلى آخرها، فغار خليل الرحمن -عليه السلام -لربه، فأتعب يده بكسر الأصنام وخاطر بنفسه في ولاية رب الأنام، فأكرمه ربه بالخلة، وأحيا على يده الطيور الميتة، وأخرج من ظهره أهل الرسالة والنبوة وجعله أبا المصطفى خير البرية -صلى الله عليه وسلم -.
وأما العيد الثاني: فهو عيد قوم موسى كليم الرحمن -عليه السلام -، قوله -عز وجل -: {موعدكم يوم الزينة}[طه: ٥٩].