مثقال ذرة خيرًا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره} [الزلزلة: ٦ - ٨].
قيل: إن الذرة هي قشرة الهباء الذي يظهر في شعاع الشمس مثل رؤوس الإبر، وقيل: أربع ذرات مثقال خردلة، وقيل: هي النملة الحمراء الصغيرة التي لا تكاد ترى إذا دبت، وقيل: إن الذرة جزء من ألف جزء من شعيرة.
وقال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما-: إذا وضعت كفك على التراب ثم رفعتها، فكل شيء يعلق بها من التراب فهو ذرة.
فأين أنت من يوم توزن فيه الأعمال بهذه الزنة تثقل وتخف بهذه الخفة، ويوم يقول الله تعالى فيه:{يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدًا * ونسوق المجرمين إلى جهنم وردًا}[مريم: ٨٥ - ٨٦] أي عطاشًا.
وحينئذ ينكشف الغطاء ويظهر المخبأ، ويمتاز المؤمن من الكافر، والصديق من المنافق، والموحد من المشرك، والولي من العدو، والمحق من المدعي.
فاحذر يا مسكين من هول ذلك اليوم، وانظر من أي الحزبين تكون؟ فإن أنت عملت لله العظيم واتقيت في عملك الخبير وصفيته عما يسوء للناقد البصير، فأنت في حزب المتقين الوافدين على الرحمن في يوم النشور.
فلك الكرامة يا كريم، ولك السلامة والبشرى يا حكيم.
وإن كان غير ذلك فاعلم أنك بالحزب الآخر لاحق وهالك، مع من هو هالك في النار مع فرعون وهامان وقارون متلاحق، قال الله -عز وجل-: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا}[الكهف: ١١٠] فلا ينجيك في ذلك اليوم غير العمل الصالح.
[(فصل) في فضل {بسم الله الرحمن الرحيم}]
عن عطاء بن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال:«لما نزلت {بسم الله الرحمن الرحيم} هرب الغيم إلى الشرق، وسكنت الرياح وهاج البحر، وأصغت البهائم بآذانها ورجمت الشياطين من السماء، وحلف الله -عز وجل- بعزته لا يسمى اسمه على شيء إلا شفاه، ولا يسمى اسمه على شيء إلى بارك فيه، ومن قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} دخل الجنة».