قال الله -عز وجل -: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ...}[البقرة: ١٨٣] إلى قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر}[البقرة: ١٨٥].
قال الحسن البصري -رحمه الله -: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأسرع لها سمعك فإنها لأمر تؤمر به أو لنهي تنهى عنه.
وقال جعفر الصادق -رحمه الله -: لذة ما في النداء إزالة تعب العبادة والعناء.
قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا} يا: نداء من العالم، وأي: اسم من المعلوم المنادى، وها: تنبيه على نداء المنادى الذي هو إشارة إلى المعرفة السابقة والصحبة القديمة. آمنوا: إشارة إلى السر المعلوم بين المنادى والمنادي، كأنه يقول: يا من هو لي بسره المخلص له بضميره وبلبه {كتب} أي فرض وأوجب {عليكم الصيام} وهو مصدر كقولك: صمت صيامًا وقمت قيامًا.
وأصل الصيام في اللغة: الإمساك يقال: صامت الريح: إذا سكنت وأمسكت عن الهبوب، وصامت الخيل: إذا وقفت وأمسكت عن السير، ويقال: صام النهار، إذا اعتدل وقام قائم الظهيرة، لأن الشمس إذا بلغت كبد السماء وقفت وأمسكت عن السير سويعة كما قال الراجز:
حتى إذا صام النهار واعتدل ... وسال للشمس لعاب فنزل
ويقال للرجل إذا صمت وأمسك عن الكلام صام، قال الله تعالى:{إني نذرت للرحمن صومًا}[مريم ٢٦] أي صمتًا، فالصوم: هو الإمساك عن المعتاد من الطعام والشراب والجماع في الشرع مع ترك الآثام، قال الله -عز وجل -: {كما كتب على الذين من قبلكم} أي من الأنبياء والأمم أولهم آدم -عليه السلام -، وهو ما روى عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده قال: سمعت علي بن أبي طالب -رضي الله عنه -